قصة بين ملك النوبة و عبد الله بن مروان.
-------------------------------------------------
استدعى الخليفة العباسي أبو جعفر المنصور أسيره وسجينه، عبد الله بن مروان، آخر ملوك بني أمية، ليسمع منه قصته مع ملك النوبة. فحين فقد عبد الله بن مروان ملكه وأصبح مطاردا من جانب العباسيين، ذهب إلى ملك النوبة، وطلب منه حق اللجوء،
قال عبد الله بن مروان، القصة: يا أمير المؤمنين، قدمتُ إلى النوبة فأقمتُ بها ثلاثاً، فأتاني ملكها، فقعدَ على الأرض، وقد أعدتُ له فراشاً له قيمة. فقلت له: ما منعك من القعود على فراشنا؟ فقال ملك النوبة: لأنني ملك، وحقٌ على كلِّ ملكٍ أن يتواضع لعظمة الله عز وجل، إذ رفعه.
قال عبد الله بن مروان،
فسألني ملك النوبة: لم تشربون الخمر وهي محرمة عليكم في كتابكم؟
قال عبد الله بن مروان : اجترأ على ذلك عبيدنا وأتباعنا.
ملك النوبة: فلم تطئون الزرع بدوابكم والفساد محرم عليكم في كتابكم؟
فقال عبد الله بن مروان، فرددت عليه بقولي: فعل ذلك عبيدنا وأتباعنا لجهلهم.
فقال ملك النوبة: فلم تلبسون الديباج والحرير والذهب، وهو محرم عليكم في كتابكم ودينكم؟
فقال عبد الله بن مروان، فقلت له: ذهب منا الملك فانتصرنا بقومٍ من العجم دخلوا في ديننا فلبسوا ذلك على الكره منا.
فأطرق ملك النوبة إلى الأرض يقلب يده مرة، وينكت في الأرض أخرى، وهو يردد: «عبيدنا، وأتباعنا، وأعاجم دخلوا في ديننا»!! ثم رفع رأسه
ملك النوبة: ليس كما ذكرت، بل أنتم قوم استحللتم ما حرم الله، وركبتم ما نُهيتم، وظلمتم في ما ملكتم، فسلبكم الله العز، وألبسكم الذل بذنوبكم، ولله فيكم نقمةٌ لم تبلغ غايتَها فيكم.
وأنا خائفٌ أن يحل بكم العذاب، وأنتم ببلدي، فينالني معكم. وإنما حق الضيافة ثلاث، فتزود ما احتجت إليه، وارحل عن أرضي.
قال عبد الله بن مروان: ففعلت.