ينتعش العروسان قبل الزواج بالفرحة الغامرة وتوقّعات كثيرة بالمتعة والسعادة الهائلة ويزحف بعد الزواج الإحباط البغيض ببطء أو بسرعة ليعكر صفو الأحلام.. ويكتب نهايتها المؤلمة.. ويتبادل الطرفان الاتهامات الصامتة أو المعلنة.. ويسيطر الإحباط على الموقف ويحرمهما الفوز بالسعادة..
لذا كانت هذه الأسطر التي نهديها ليس للمتزوجين فقط ولكن لكل من يحلم بالزواج أو يستعد له من الجنسين ليستعد جيداً لمفاجآت ما بعد الزواج..
وليطرد شبح الإحباط بعيداً وليحتضن الفرحة والمتع والنجاح في الزواج مما يمده بطاقات هائلة على النجاح والسعادة في كل جوانب الحياة وليس في الزواج وحده..
- الزواج ليس نزهة في النادي
هتف زوج فور سؤاله عن الإحباط وكأنه ينتظر هذا السؤال: "أتنفّسه"؛ فزوجتي كانت تعتقد أن الزواج نزهة للنادي فلم تفكّر بوجود مسئوليات بعد الزواج، وانحصر تفكيرها بالتنزّه والرحلات وسماع الكلام العاطفي والذهاب للتسوّق، ومشاهدة أحدث الأفلام العاطفية، وسماع الأغاني الرومانسية..
وصدمت بجهلها بالاهتمام بشئون المنزل ورعاية الزوج ومتابعة شئونه ووجدتها مجرد فتاة بلا عقل وبلا أي رغبة في تعلم إدارة المنزل.
وكلما أخبرتها بذلك تصرخ: لقد تزوجتك لكي أستمتع بحياتي، ولست مستعدة لتحمّل الهموم، وفوجئت أنها تتعامل مع إدارة المنزل وكأنها همّ لا يطاق، وتحاول بكل طاقتها التخلّص منها.
ويضيف: مللت وأشعر أنني تزوّجت طفلة "غير ذكية"، وأنصح جميع الشباب بالتمهل قبل الزواج؛ للتأكّد من استعداد الفتاة الجدي للزواج قبل أن "يورط" نفسه في زيجة تجلب له المتاعب.
وعلى الوجه المقابل صرخت زوجة حديثة بشكواها من الإحباط العنيف الذي تعيشه بعد الزواج؛ فزوجها يتعمّد تركها بعد انتهاء شهر العسل، والذي كان 10 أيام فقط، ويواصل حياته العادية قبل الزواج، ويقسّم وقته يومياً بين العمل وبين قضاء ساعات مع أصحابه، والمرور على أهله، ثم يتبقّى لها القليل من الوقت الذي يقضيه في تناول الطعام أو مشاهدة البرامج السياسية أو مباريات كرة القدم، وتقسم أنها لو كانت تعلم أن الزواج بهذه الصورة لما تزوّجت، ولظلت في بيت أسرتها على الأقل كانت ستشاهد البرامج التي تحبّها، ولن تفرض عليها مشاهدة البرامج التي يُحبّها زوجها.
زوجة أخرى ظهرت الحسرة واضحة على ملامح وجهها، وتنهدت بألم شديد وقالت: "خدعني" زوجي، كنت أتوقّع أن تكون أيامنا أغنية دائمة للحب وللسعادة، لم أتخيّل أنه سيتحمل ابتعادي عن أحضانه أثناء تواجده في البيت ولو لثانية واحدة، وكنت متأكّدة أنه سيفارقني إلى عمله والألم بداخله، وأنه سيقوم بالاتصال بي عدة مرات خلال اليوم لمغازلتي والاطمئنان عليّ، وأنه سيواصل إرسال الرسائل عبر المحمول والتي كان يغرقني بها أثناء الخطبة، وأنه سيعود إلى المنزل تسبقه أشواقه والهدايا والعطور والورود، ولكن كل هذا لم يحدث على الإطلاق، واكتفى زوجي بأن يخبرني قبل ذهابه إلى العمل عما يريد تناوله على الغذاء، وعند عودته يسارع للنوم ليرتاح من العمل، ولم يكلّف نفسه عناء تقبيلي أو احتضاني قبل ذهابه إلى العمل أو السؤال عن أحوالي بعد عودته، وانتظرت ذلك منه طويلاً فلم يفعله مما أثار إحباطي وغيظي أيضاً.
زوج أعرب عن إحباطه البالغ من زوجته؛ لأنه "اكتشف" بعد الزواج أنها لا تنوي المساعدة في الإنفاق على المنزل، رغم أنه توّقع ذلك؛ لأنها تعمل قبل الزواج، ولم يتوقّع أبداً أنها "بخيلة" وقد اعتمد على مساهمتها المادية ليعيشا في مستوى ميسور بعد الزواج ولم يخبرها بذلك؛ لأنه كان يعتقد أن هذا أمر طبيعي تماماً؛ لأنها تعلم جيداً كل إمكانياته المادية، وتدرك أنها لا تكفي وحدها ليتمتعا بقدر جيّد من الرفاهية المادية، وفوجئ بأنها تصرّ على ادّخار راتبها كله وبإخبارها له أنها تستطيع أن تتحمّل الجفاف المادي ولا تريد المساهمة التي تشعرها بأنه يطمع في أموالها، وأنه تزوّجها لهذا السبب، وثارت بينهما مشاجرات كثيرة لهذا السبب، وكل منهما يشعر أن الآخر قد خدعه وخذله وحوّل حياته إلى إحباط كبير.
زوجة أخرى قاطعتني ولم تسمح لي بإكمال السؤال، وتتابعت كلماتها باندفاع ملحوظ، وأعلنت عن غضبها المتزايد من زوجها وعن إحباطاتها المتزايدة..
قالت: زوجي يرمي ملابسه في كل مكان في البيت، ويترك به بصماته الواضحة.
ففي الفراش لا بد أن أجد يومياً المناشف المبتلة، ولا أعرف لماذا يهوَى وضعها في هذا المكان، رغم أن الطفل الصغير يعرف أن مكانها لا بد أن يكون في الحمام فقط.
ولن أُحدّثك عن الشرابات وباقي الملابس، وعندما أطالبه بالالتزام بالنظام يرد عليّ باستهانة كبيرة وتعبيرات وجهه توضّح إحساسه المرير بالظلم الفادح، وأن والدته كانت ترتّب له كل احتياجاته، ولم تكن تضايقه أبداً، بل كانت تسعد بما يريحه، ويطالبني بأخذ كورسات من والدته في كيفية الاعتناء به حتى لا يتضايق مني، ولا ينسى في نهاية حديثه أن يُؤكّد لي أن صبره بدأ ينفد، وأنه لن يتضايق وحده.
وبالطبع لا أسكت على لغة التهديد والوعيد؛ فأردّ بما هو أسوأ، وأُعلن ندمي على الزواج منه، فيردّ بأنني أستطيع إصلاح هذا الخطأ، فأسكت وأتراجع، وأمضغ غيظي وغضبي منه.
زوج طالبني بألا أخبر زوجته -التي أعرفها- بما سيقول وكان له ما أراد..
ثم قال: كلمة إحباط كلمة "مرفهة" بالنسبة لما أعانيه من صدمات تلقيتها الواحدة بعد الأخرى فور زواجي..
وبدأت برؤية وجه زوجتي بدون مكياج، وفوجئت بأنها كانت تستخدم أساس للماكياج يقوم بتغيير لون البشرة، وكان الفارق رهيباً بين وجهها وهو خالٍ من المساحيق والوجه الذي عرفته قبل الزواج.
وتماسكت وحاولت إقناع نفسي بأن ما تبقى من جمالها بعد إزالة المكياج يكفيني، والمهم أن تتعامل معي بصورة أحبّها وأرضى عنها..
ويضيف بألم: ولكنني فوجئت بها تتناول الطعام بطريقة غير لطيفة على الإطلاق، ولا تراعي أبسط القواعد بعكس التأنق الشديد الذي كانت تتناول به الطعام أمامي أثناء الخطبة.
ولما نبّهتها، ردّت ببساطة: أنا في بيتي، وأريد أن أتمتع بالراحة التامة وبالتلقائية وبعدم التصنّع؛ فصرخت في وجهها متهماً إياها بالكذب والتلفيق لتتزوّجني بصورة تختلف تماماً عن صورتها الحقيقية وتشاجرنا بالطبع، وتمسّك كل منا برأيه.
ويُكمل حديثه: لن تنجح أبداً في إثنائي عن أن أراها في أفضل صورة وبالبعد عن التصرّفات المزرية.
وتضاعف غضبه وصراخه وهو يقول: هل كنت مطالباً بزرع كاميرات تجسّس عليها قبل الزواج لأعرف حقيقتها.. و.. و...
زوجة انفجرت قائلة: لم أكن أعرف أن زوجي بالغ العصبية ومستبد هكذا، فلا يطيق سماع أي رأي يُخالفه، ويصرّ على إعادة تشكيلي وتكويني وفقا لما يريد، ويُؤكّد لي دائماً أنه لن يسمح لي أبداً بمحاولة تغييره، وإن كان هناك طرف سيقوم بتغيير الآخر فسيكون هو وليس أنا.
وتضيف: دائماً يشعرني أنه أذكى مني وأكثر دراية بكل شيء في الكون، والحقيقة عكس ذلك بالتأكيد، كما أنني أكثر رهافة منه في الإحساس.
والحقيقة أنه لم يكن كذلك أثناء الخطبة فقد كان يتعامل معي بصورة ديمقراطية، وكان يتنازل أحيانا عن رأيه لكي يرضيني، ولكن كل ذلك اختفى تماماً بعد الزواج؛ مما أشعرني أنه خدعني كي يتزوّجني ليعذّبني، ويجبرني على التصرف كما يريد، وهو ما أُفضّل الموت قبل حدوثه!!