ماهي العلمانية
مستنقع الشبهات والشهوات
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه وسلم:
- تعريف العلمانية:
العلمانية: تأتي لمعان منها: العالمية، وانها اللادينية، ومنها فصل الدين عن الدولة وعن السياسة أو عن الحياة، وكلمة (العلمانية)
اصطلاح جاهلي غربي يشير إلى انتصار (العلم) على الكنيسة النصرانية التي حاربت التطور باسم الدين.
إذن فالعلمانية في اصطلاح الغربيين تعني: فصل الدين عن شئون الحياة، وعزله في الضمير وفي الكنيسة.
تاريخ العلمانية وأصولها
:العلمانية كما ذكرنا فكرة غريبة خالصة وتاريخها جزء من التاريخ الغربي ويتلخص فيما يلي:
مع نهاية القرن العاشر الميلادي وصل الانحراف والفساد الديني والاجتماعي على يد الكنيسة النصرانية ورجالها وتعاليمها المزيفة
إلى حد لم يعد يحتمله الناس ولا تطيقه فطرة البشر، وقد شقيت أوروبا برجال الدين الدجالين، وبتسلطهم ونفوذهم باسم الدين وباسم
الرب.
وكانت الحضارة الإسلامية في هذه الفترة وما بعدها مزدهرة في الأندلس والشرق وبلاد المغرب، وتغزو العالم بما تحمله من فكر
نير، ودين قويم ونظام عادل، وقامت الدولة الإسلامية في أوروبا - دولة الأندلس - تحمل رايات العلم والفكر والحرية بمعناها
الإسلامي الأصيل، وبدأ أبناء كبار رجالات الغرب والنابهون منهم يبتعثون لتلقي بعض العلوم في جامعات الأندلس الإسلامية،
فتأثرت أفكارهم بالعقلية الإسلامية المستنيرة بنور الله وعادوا إلى قومهم فعرفوا أن الكنيسة ورجالها عمله مزيفة، ووسيلة للدجل
والتحكم الظالم في عباد الله.
وأخذ هؤلاء الذين تأثروا بالمسلمين يقاومون الكنيسة ودينها المزيف، وأعلنوا كشوفاتهم العلمية والجغرافية التي تحرمها الكنيسة،
فقامت قيامة من يسمون لدى النصارى (برجال الدين) واحتدم الصراع ومكث قروناً بين رجال العلم ورجال الكنيسة، فأخذوا يكفرون
ويقتلون ويحرقون ويشردون المكتشفين، أنشأت الكنيسة محاكم للتفتيش لملاحقة حملة الأفكار الإسلامية الجديدة في أوروبا، ومكث
هذا الصراع عدة قرون وانتهى بإبعاد الكنيسة ورجالها عن التدخل في نظم الحياة وشؤون الدولة.
وهكذا انتهى الصراع الدامي الطويل بأول انتصار حاسم لأعداء الكنيسة أثناء الثورة الفرنسية.
ونتيجة لوضع الكنيسة ودينها المحرف الذي أشعلت باسمه الفتنة كان من الطبيعي أن تتبنى الثورة عزل الدين النصراني المحرف
(الذي حارب العلم) عن الحياة وعن الدولة وحصره في الكنيسة وإبعاد رجالها عن التحكم الظالم، ثم سرت الثورة إلى كل الغرب لأنه
لا يدين بالإسلام دين العلم والحق والعدل
وهيمن هذا الاتجاه الجاهلي على أوروبا كلها، وأصبح يحمل شعارات الإلحاد والفوضى الأخلافية عناداً للكنيسة ورجالها.
وكانت هذه الفكرة الجاهلية (فكرة أن العلم لا صلة له بالدين وأن الدين يحارب العلم) هي الفكرة السائدة في الغرب طيلة القرنين
الثامن عشر والتاسع عشر الميلاديين، ومع إطلالة القرن العشرين بدأت بوادر التفاهم والمصالحة بين رجال الكنيسة والإتجاه
الجاهلي، وانتهت بتنازلات كبيرة من الطرفين إلى أن دخلت الأحزاب الدينية النصرانية مجالات السياسة في بعض الدول الغربية.
هذا وقد أثبت الدين الصحيح (الإسلام) أنه دين العلم للعالم كله كما أثبت العلم بكل فروعه أنه لا يعادي هذا الدين ولا ينافيه بل يسير
في ركابه ويكشف جوهره الثمين للناس.
تاريخ العلمانية في العالم الإسلامي:
بدأت فكرة العلمانية تغزو العالم الإسلامي منذ أكثر من قرن لكنها لم تتمكن إلا في بداية هذا القرن (العشرين الميلادي) حين طبقت
على مستوى الدولة على أنقاض الخلافة العثمانية ثم سرت إلى بقية العالم الإسلامي وكانت هناك عدة عوامل رئيسية ساعدت على
ظهور (الجاهلية الحديثة) بين المسلمين أهمها:
1- انحراف كثير من المسلمين عن العقيدة السليمة وكثرة البدع والأهواء وقلة الفقه في الدين بينهم.
2- الاحتلال الغربي للعالم الإسلامي، فقد حرص الغربيون على إبعاد الإسلام من واقع الحياة وسياسة الدولة، واستبدلوا به مناهج
علمانية غربية (إلحادية).
3- الأقليات غير المسلمة كالنصارى واليهود والشيوعيين وأصحاب الاتجاهات المنحرفة من جمعيات وأحزاب ونحوهم، وكل هؤلاء
لا ينعمون بضلالهم وانحرافهم وفسادهم إلا تحت شعار كشعار ما يسمى بالعلمانية، لذلك تضافرت جهودهم على نشرها وبثها
والدعاية لها حتى انخدع بذلك كثيرون من السذج وأنصاف المتعلمين من أبناء المسلمين.
4- تقدم الغرب الهائل في مضمار العلم المادي والقوة العسكرية جعل كثيرين من المسلمين ينبهرون بذلك التقدم ويعزونه إلى الاتجاه
الجاهلي الحديث (العلماني)، وصدقوا دون تفكير مزاعم الكفار بأن الدين معوق للعلم، وظنوا أن بلادهم لا تتقدم حتى تفصل الدين -
عن الدولة والحياة - وهذا لا شك جهل بالإسلام جنى ثماره النكدة جميع المسلمين.
5- تمكن عملاء الغرب والمخدوعين به وأصحاب الاتجاهات والمذاهب المنحرفة من الحكم والسلطة في أكثر بلاد المسلمين بدعم من
أسيادهم.
حكم الإسلام فيما يسمى بالعلمانية:
- العلمانية في الجانب التشريعي تعني فصل الدين عن الدولة أو عن الحياة كلها، وهذا يعني الحكم بغير ما أنزل الله، وقد فصل علماء
العقيدة الحكم بهذا على النحو التالي:
1- إذا وقع الحكم بغير ما أنزل الله تعالى والحاكم (سواء كان فرداً أو مجموعة) يرى أن حكم الله غير صالح أو غير جدير أو أن
الحكم البشري أصلح وأكمل من حكم الله فهذا كفر.
2- وإذا وقع ذلك عن جهل أو ضعيف مع اعتقاد أن حكم الله أصلح وأحق وأجدر فهذا فسق وظلم ويجب على المسلم أن يتوب منه
وأن يرجع إلى الله.
- والعلمانية من الجانب العقدي تعني الإلحاد أو التنكر للدين وعدم الإيمان به، وترك العمل بأحكامه وحدوده وهذا هو الكفر الصريح.
- ومن الجانب الأخلاقي تعني: الانفلات والفوضى في إشاعة الفاحشة والرزيلة والشذوذ، والاستهانة بالدين والفضيلة وسنن الهدى
وهذا ضلال مبين وفساد في الأرض.
والعلمانيون في العالم الإسلامي يعرفون بالاستهانة بالدين والتهكم والاستهزاء بالمتمسكين به، كما يعرفون بظهور المعاصي على
سلوكهم ومظاهرهم وألسنتهم.
كما يعرفون بإثارة الشبهات، وإشاعة الفواحش (كالسكر والتبرج والاختلاط المحرم) ونشر الرذائل ومحاربة الحشمة والفضيلة
والحدود الشرعية والاستهانة بالسنن.
كما يعرفون أيضاً بحب الفساق و (الكفار) والإعجاب بمظاهر الحياة الغربية وتقليدها.
.
فالعلمانيين بلا شك داء العصر وينبغي لنا بيان شرهم للعام والخاص وهنا إشارة مهمة لكل مسلم كما في حديث حذيفة رضي الله عنه
في البخاري عن أبي إدريس الخولاني ( أنه سمع حذيفة بن اليمان يقول: كان الناس يسالون الرسول صلى الله عليه وسلم عن الخير
وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يد ركني، فقلت يا رسول الله إنا كنا في جاهلية وشر فجاءنا الله بهذا الخير، فهل بعد هذا الخير من
شر ؟ فقال: نعم، قلت: وهل بعد ذلك الشر من خير ؟ قال: نعم وفيه دخن قلت: وما دخنه ؟ قال: قوم يهدون بغير هديي تعرف منهم
وتنكر، قلت: فهل بعد ذلك الخير من شر ؟ قال: نعم دعاة على أبواب جهنم، من أجابهم إليها قذفوه فيها، قلت: يا رسول الله صفهم لنا،
قال هم من جلدتنا، ويتكلمون بألسنتنا.. ) الحديث .
فهذه جملة أسباب بعضها داخل في بعض تضافرت وتكاتفت، وأدت إلى قيام العلمانية التي بسطت نفوذها، ومدت رواقها في كثير من
بلدان المسلمين ")
نسأل الله- تعالى- أن يرينا الحق حقا وأن يرزقنا إتباعه، وأن يرينا الباطل باطلا وأن يرزقنا اجتنابه، كما نسأله جل جلاله العلم النافع
والعمل الصالح وأن يستعملنا الله في طاعته إنه ولي ذلك والقادر عليه .
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين