أخفقت جميع محاولات رده وصده عن سبيل الله، فلجأت أمه الى وسيلة لم يكن أحد يشك في أنها ستهزم روح سعد، وترد عزمه إلى وثنية أهله وذويه.
لقد أعلنت أمه صومها عن الطعام والشراب حتى يعود سعد الى دين آبائه وقومه، ومضت في تصميم مستميت تواصل إضرابها عن الطعام والشراب حتى أوشكت على الهلاك.
كل ذلك وسعد لا يبالي، ولا يبيع إيمانه ودينه بشيء، حتى ولو يكون هذا الشيء حياة أمه.
وحين كانت تشرف على الموت، أخذه بعض أهله إليها ليلقي عليها نظرة وداع، مؤملين أن يرق قلبه حين يراها في سكرة الموت.
وذهب سعد ورأى مشهد يذيب الصخر، بيد أن إيمانه بالله ورسوله كان قد تفوّق على كل صخر، وعلى كل لائذ، فاقترب بوجهه من وجه أمه، وصاح بها لتسمعه: "تعلمين والله يا أمّه.. لو كانت لك مائة نفس، فخرجت نفسًا نفسًا ما تركت ديني هذا لشيء..فكلي إن شئت أو لا تأكلي" !
وعدلت أمه عن عزمهتا، ونزل الوحي يحيي موقف سعد، ويؤيده فيقول: "وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا".
أليس هو الأسد في براثنه حقًا ؟